>> شبح الجمود الاقتصادي يلاحق العالم <<
إلى عهد قريب كان العالم الغني يتأرجح بين الجمود والتضخم . وعندما كانت الأزمة في أشدها هوى الإنتاج لكن ذلك كان بفعل تخفيض العملات وليس بسبب التضخم . وعندما كانت الأزمة في أشدها هوى الإنتاج وكان خفض قيمة النقد وليس التضخم هو مثار الاهتمام . ثم تعافت الاقتصادات كما فعلت الأصول بما فيها السلع التي دفعت أسعارها التضخم خارج المنطقة المريحة بالنسبة إلى صانعي السياسة .
ويهدد الآن طرفي مصطلح السبعينات الثنائي المخيف للعودة معاً عندما يتباطأ الإنتاج في الوقت الذي تستمر فيه الأسعار في التباعد . ولقد اختفى التضخم من الذاكرة غير السارة إلى خطر آني .
ويبدو أن أرقام آخر دورة إنتاجية تبعث على اليأس . ففي المملكة المتحدة يمكن أن يكون النمو السنوي بمعدل 2% قابل للاحتمال إذا كان الاقتصاد يعمل بكامل طاقته ولكن ليس بإنتاجية أقل من ذروتها . وعند أخذ انكماش الربع الرابع المزعج في الحسبان فإن الاقتصاد قد عانى من ستة شهور الجمود .
ولم تكن الأرقام الأمريكية التي صدرت مؤخراً أفضل حالاً . فالاقتصاد الأمريكي نما بشكل أبطأ من الاقتصاد البريطاني، ووصل إلى معدل 8 .1% الخجول . صحيح أن ذلك جاء بعد طفرة 1 .3% في الربع الذي سبق وعلى عكس الانكماش البريطاني . ويبدو أن الأمريكيين يتمتعون بقدرة أفضل من البريطانيين على التأقلم مع الثلج الثقيل، ولكن على أي حال كان التباطؤ مخيبا للأمال . وعكس كل من الحافز المالي وهبوط الإنفاق الحكومي وحذر أكبر في القطاع الخاص وتباطأ أيضا الإنفاق الاستهلاكي والتجاري .
ولوضع خاتمة للأخبار السيئة عانى إنتاج المصانع اليابانية أسوأ خريف منذ أن بدأت الأرقام القياسية عقب الزلزال وإعصار التسونامي في مارس الماضي وكذلك ما زالت التوقعات الأوروبية قاتمة بفعل أزمة الديون .
وفي هذه الأجواء المعتمة يمكن الحصول على بعض الطمأنينة من الفرق بين اليوم وسبعينات القرن الماضي . والحقيقة أن بعض الدول الغنية لديها قدرة إضافية للتعويض عن انكفائها العميق ولأجيال قادمة، وهذا يعني أن السياسة النقدية الفضفاضة مستبعدة في الوقت الراهن أكثر من قبل لتغذية التضخم الجامح .
ونقطة واضحة أخرى هي أن الاقتصادات الناشئة التي تقودها الصين تخطو على رمل ناعم للغاية لدرجة أن بعضها مهدد بارتفاع زائد في درجة حرارتها . وأصبحت تلك الدول وبشكل متزايد مصدراً للطلب على الصادرات للعالم الغني .
وهذا يفسر تناقضاً ثالثاً بين ما هو قائم الآن، وبين ما كان عليه في السابق ونمو أسعار السلع الذي يرفع من التضخم الشامل يتأثر على الأقل بالعرض كما هو بالطلب . وأدى إيقاف المنتجين للضخ إلى الصدمات النفطية في السبعينات . واليوم وعلى عكس ذلك تعكس أسعار السلع المرتفعة شهية قوية من مراكز الصناعة القوية وفقط توفر صدمات عرض جزئية كما في مشكلات الشرق الأوسط .
وهذا يعطي أملا بأنه إذا عانى العالم الغني حالة خفيفة من الجمود سيكون عارضاً مؤقتاً لتحولات اقتصادية لا مهرب منها . ولكن حتى مع الجمود الأقل خطراً سيكون هناك عدم ارتياح وستعوض إعادة التوازن للماكنة الاقتصادية أي مسار ملئ بالمطبات والحفر .
بهذا أكون أنهيت موضوعي
أتمنى أن ينال إعجابكم
تحياتي