>> لإطلاق مشروع جديد ... ما الذي يتعين عليك القيام به قبل صياغة خطة عمل جديدة ؟ <<
كثيراً ما تعد خطط العمل بمثابة المحور لإطلاق مشروع ناجح. ومن الواجب عليك التفكير قبل الكتابة.
وتظهر الأدلة أن السواد الأعظم من خطط العمل لا تستطيع جمع الأموال التي يمكن إطلاق المشاريع الجديدة من خلالها. ومن بين تلك المشاريع التي يتم تمويلها، فإن الكثير منها يؤول إلى الفشل «إن لم يكن معظمها». فما هو الجانب الخطأ في تلك العملية؟.
هناك ثلاثة أشياء خاطئة على الأقل. الشيء الأول، أن معظم خطط العمل توضع لاستهداف فرص خاطئة بالأساس. فلماذا تضع خطة عمل لفرصة لا أمل منها؟. إن ذلك مضيعة لوقتك ومهاراتك في إنشاء المشاريع.
ومن الأخطاء الأخرى أيضاً تلك الطبيعة الإقناعية الكامنة في خطط العمل، وهي هدف أساسي يقصد منه في كثير من الأحيان جمع المال، وجعل من يؤيدها من أصحاب المشاريع الأخرى يؤمنون بأن كل شيء في الخطة يتيح فرصة رائعة. ولكن للأسف، فإن الأرجحية الواقعية هي أن كل شيء ليس رائعاً، وينطبق ذلك على معظم الفرص حتى المغرية منها. لكن ربما يوجد هناك جانب واحد أو جانبان رائعان بدرجة كافية للتغلب على تلك الخطط التي لا تتميز بأي شيء على الإطلاق.
كما أن صاحب المشروع الطموح، مثل أولئك الذين تم التعرض إليهم في الكثير من الكتب وحزم البرامج، والذي يقوم بإعداد وإطلاق خطة عمل تقوم على أن «كل شيء رائع» يخاطر بصدقيته مع المستثمرين وذوي الخبرات الذين يعلمون المخاطر الحقيقية التي تنطوي عليها المشاريع الجديدة.
ولذلك، فإن هذه السذاجة تجعل من الصعب جمع الأموال الضرورية للمشروع، على عكس ما كان يظن أنها تجعل هذا الأمر ميسوراً.
وما هو أسوأ من ذلك أن المخاطر التي تنطوي عليها الخطة تغطي ما قد يقع من الأخطاء وتفسر ما لم يقع منها، كالمخاطر الإيجابية المحرفة التي تعمي صاحب المشروع عن المخاطر الحقيقية التي تؤدي إلى انهيار معظم تلك المشاريع.
أما الخطأ الثالث فهو أن معظم خطط العمل تركز على صاحب المشروع، وليس على فكرته، ولا على السبب الذي يجعل منها فكرة رائعة. إنه التركيز على الشخص أو التركيز على فكرتي وليس التركيز على العملاء.
صحيح أن الناس قد يبدون اهتماماً إزاء ذلك، وهي حقيقة مؤكدة، لكن المستثمرين لا يهتمون كثيراً بك ولا بفكرتك في بداية الأمر على الأقل.
وما يهتم به المستثمرون هو حل مشاكل أو احتياجات العملاء المستعصية التي تحقق لهم أرباحاً كبيرة وإمكانية للنمو. فلو كان لديك حل لمشكلة ما، فإنهم سيصغون إليك بكل اهتمام ووعي. وإذا ما أظهرت أنه بإمكانك تحقيق نتائج في حل هذا النوع من المشاكل، فإنهم سينتبهون لك بإمعان.
ولذا، تكمن أهمية الناس في الإطار الذي يعملون فيه، فلتضع هذا الإطار أولاً. وبهذه الطريقة، فإنك تجعل من الناس عامل نجاح لقصتك، وسيكون ذلك بمثابة دعم لا يستهان به للفريق العامل معك، وللشركة عموماً.
هل هناك حل؟
بطبيعة الحال، لا بد من وجود حل لهذه المسألة.
وبدلاً من اتباع أسلوب التخطيط العملي، ارجع إلى الخلف واسأل نفسك هل الفرصة التي ترسمها في عقلك جذابة حقاً؟
هكذا فعل صاحب فكرة مشروع طموح يسمى كاسيان درو قبل الشروع في خطة لبيع أجهزة تسلق المرتفعات وبرامج التمرينات لمنشآت اللياقة البدنية.
إذ ظل طوال أشهر موسم من مواسم الصيف يختبر فرصته، وتعلم في ذلك الوقت كيف يمكن لمشغلي أجهزة اللياقة البدنية تقييم اقتصاد السرعة التي يطلبونها بالضبط.
وللأسف، سرعان ما اتضح أن الاقتصاد الذي كان يدعم ما يعتقد أنه فكرة جيدة لم يتحقق.
وفي الوقت الذي كان كاسيان وشريكه يستعدان فيه بشكل جيد لتلك الفرصة وكون السوق جاذبة في ذلك الوقت، في ظل اهتمام كبير بأجهزة اللياقة البدنية والتسلق في المملكة المتحدة، لم يكن هناك نموذج عمل يمكن تطبيقه في هذا الإطار.
وكما تعلم درو والكثيرون من أصحاب المشاريع، وإذا كان بالطريقة القاسية المعتادة، يكون من الممكن تدارك الفرص مع ثلاثة عناصر أساسية: الأسواق والصناعات والموظف أو «الموظفون الأساسيون» الذين يشكلون فريق المشروع الجديد.
وما أطلق عليه «دراسة الجدوى الموجهة بالعملاء» هو ما يمكن لأصحاب المشاريع استخدامه لتوجيه ما يقومون به من دراسات تقييمية قبل استثمار وقتهم وجهودهم الثمينة في وضع خطة عمل ما، سواء كان ذلك في المشاريع الحديثة أو في أعماق الشركات القائمة العاملة.
الفروقات الأساسية
يوجد هناك نوع من التداخل الكبير في محتوى «دراسة الجدوى الموجهة بالعملاء» وخطة العمل، وهذا أمر جيد في الحقيقة. فكل التحليلات التي أدعو إليها تعتبر ضرورية، على الرغم من أنها ليست كافية في الواقع لصياغة خطة عمل قائمة على الفكر والشواهد. فما الجديد في تلك الخطة؟، وماذا تختلف عن خطة العمل؟
التركيز على العملاء
تركز «دراسة الجدوى على العملاء»، وكما كتب بيتر دراكر منذ سنوات عدة خلت، على أن الهدف من أي عمل هو الفوز بالعملاء.
وتعتمد دراسة الجدوى على هذا الهدف، ما يجعلها مختلفة كل الاختلاف عن معظم خطط العمل الأخرى، لأنها تخطط لاستقطاب المستثمرين. وإذا لم يكن هناك عملاء، فلن يكون هناك أي مستثمرين.
الأسس الاقتصادية
تتناول دراسة الجدوى بإيجاز الاقتصاد الأساسي للعمل، وذلك من خلال تحديد الدوافع الأساسية للتدفقات النقدية، وهي العائدات واستقطاب العملاء وتكاليف الحفاظ على العملاء والجداول الزمنية وهوامش الربح الإجمالي واستثمارات رأس المال المطلوبة وخصائص رأس المال العامل للدورة النقدية العاملة.
وفي حال كانت تلك الدوافع كافية، يصبح من الممكن تطوير استراتيجيات مفصلة للتسويق والعمليات والتمويل لجعل المشروع قابلاً للتطبيق من الناحية الاقتصادية، شريطة أن تتمتع السوق والصناعة وعناصر الفرق بجاذبية كافية.
وما لم تكن كذلك، فإن تطوير هذه الاستراتيجيات سيكون مضيعة للوقت.
العقلية أو نمط التفكير
تستقصي «دراسة الجدوى المدفوعة بالعملاء» عن بعض الأسئلة الضرورية لإرضاء فضول الفريق المسؤول عن إنشاء المشروع الجديد، وتتعلق بمدى جاذبية الفرصة المتاحة وإمكانية الإجابة عن تلك الأسئلة قبل تطوير استراتيجية مفصلة ضرورية لإكمال خطة العمل. لذا، فإن منطقية دراسة الجدوى تقوم على توجيه بعض الأسئلة والإجابة عنها، وليس بيع خصائص المشروع.
وعلى الجانب الآخر، فإن خطة العملة تنظم الإجابات التي تقدمها دراسة الجدوى وتستمر في تطوير استراتيجيات التسويق والتشغيل والتمويل في مسعى منها لبيع الفرصة للمستثمرين والمساهمين الآخرين بأسلوب شديد التركيز.
وربما تسأل هل هذه الفروقات تستحق كل هذه الجهود؟، وباعتبارك صاحب مشروع مستقبلي، لماذا لا تتخطى دراسة الجدوى وتعمد مباشرة إلى وضع خطة عمل؟
بداية أقول إن البحث عن وإعداد «دراسة جدوى موجهة بالعملاء» يمنحك ذلك فرصة الانسحاب من تلك العملية مبكراً قبل استثمار وقتك الثمين ومجهودك في إعداد خطة عمل كاملة.
لذلك، فإن دراسة الجدوى توفر عليك أسابيع أو أشهراً كثيرة من الوقت، وكان يمكن لها أن تضيع في انتظار فرصة خاطئة في الأساس.
ثانياً، وهنا تأتي الفرص الواعدة، فإن دراسة الجدوى تبدأ من مرحلة تخطيط العمل وتمنحك رؤية واضحة قائمة على العملاء بشأن قيمة المشروع الذي تقترح إنشاءه، بدءاً من السوق والصناعة ووجهة نظر الفريق المشارك والتي ينظر إليها فرادى وجماعات.
كما أن دراسة الجدوى قادرة على تحديد المشاكل التي يعانيها العملاء وكيفية حلها، وتحديد مجال أو مجالين يجعل تلك الفرصة فريدة من نوعها. وتصبح هذه العوامل الدوافع وراء خطة العمل التي تتبعها.
ثالثاً، عن طريق التأكد من اختبار جميع نواحي الفرصة المتاحة، يمكن فهم تحليلك بشكل أفضل، لتحد بذلك من خطورة الدخول في مشروع ذي خلل مدمر.
العقلية المنفتحة ضرورية
إن توجيه الأسئلة الخاصة بالجدوى والحصول على أجوبة لها بعقل متفتح يعد ذلك من الخطوات الأولى المهمة التي يتجاهلها أصحاب المشاريع في كثير من الأحيان، سواء كانت تلك الأسئلة بتعمد أو بموضوعية أو بشمولية وفقاً للشواهد الواقعية وبعيداً عن الآمال أو الأحلام.
فمشتري السيارة الجديدة لن يشتريها من دون أن يجربها على الطريق، وهذا القرار أكثر خطورة إلى حد ما من القرار الآخر الذي توشك على اتخاذه عند إنشاء مشروع جديد. إن «دراسة الجدوى الموجهة بالعملاء» هي بمثابة اختبار طريق العمل الجديد لدى صاحب المشروع.
ومن يقدم منهم على هذا الخطة من دون اختبار، فإنه بالتأكيد لا يعرف مدى الخطر الذي يعرض نفسه إليه من جراء ذلك.
بهذا أكون أنهيت موضوعي عن صياغة خطة عمل جيدة ... لإطلاق مشروع جديد
أتمنى أن ينال إعجابكم وأن يرقى للمستوى المطلوب
تحياتي